امير الحب عضو جديد
عدد المساهمات : 105 تاريخ التسجيل : 18/02/2010
| موضوع: طيران بأجنحة جديدة السبت فبراير 20, 2010 3:45 am | |
| طيران بأجنحة جديدة
مثل جماعات الأولاد في ميادين اللعب، كانت أسراب الطيور تنتقل في هبّة واحدة من شجرة إلى أخرى، تتلبث قليلاً وهي تزعق وترفّرف، لتطير ثانيةً في جَوْق صاخب ومرتبك، ترسم في الفضاء شراعاً داكناً، مرقّشاً، ينطوي ثم ينفتح برخاء، قبل أن يلتّم من جديد ويهبط على أقربالأشجار. سألتُُ مضيفي، الهاجع فوق أريكة الراحة وسط حديقة البيت، عن أمر هذه الطيور، قال إنها تدرّب فراخها الجديدة على الطيران. إذن، ليس الخوف!، قلت لنفسي، الشاردة في أكثر من مكان، الموزّعة على لحظات عديدة، سعيدة وراعشة، حين خرجتُ بصحبتها: أسماك ملونة في أحواض، زهور باسمة، نباتات غريبة محميّة بالبخار، وناس ، كثير من الماس، تتعلّق الضحكات بشفاههم، بينما ينسكب فيضٌ من الحنان، عِبرَ مرفقها، في روحي. وكنتُ ظننت الفزع وراء صراخ الطيور. من الأفضل عدم رجّ المياه في البِرك الساكنة، ألمحَ المضيف، كونُ الأحجار وحدها، ما دامتْ تأتي من الخارج، لن تمسّ الأعماق، حيث اللغة والمعاني، هناك، لا تردّ بما هو جوهري على الأسئلة الصعبة. وكان مضيفي، الذي يصغرني عشرون عاماً، هو أستاذي أيضاً، وقد جئتُ أتفقد يديه، اللتين أتلفهما بالكيّ، لأنه يظنّ رماد النيران، ولم تنجح كل آلامه في إقناعي، هو السطح الأخير لكل قاع. ـ غالباً ما نلتقي في اختيار الاتجاه، أجبتُ على ملاحظته، المدعومة بشاهدٍ قوي، ملفوف بالشاش الأبيض وزاخر بالعذاب. إلاّ أن طريقنا، ولن أدّعي غزارة تجاربكَ، يشقّه عند كل نهاية تيارٌ رهيف من الاضطراب، وهذا يعود إلى أهوائنا التي تكمن بعد كل سطحٍ أخير. فقد حسبتُ زعيق الطيور خوفاً، وعرّفتَه، أنتَ، مرَحاً، وربما يكون خوفاً من المرح، أعني المرح الذي قد يؤدي بالفراخ إلى السقوط، وهي تختبر، للمرة الأولى، أجنحتها اللدنة، فالأمر يعود، فيما يخصّ النار، إلى الفرق بين المعرفة والحسبان، حيث المعرفة صورة ذهنية ثابتة، بينما الحسبان قلقٌ دائم، وعندما تكوي المعرفة يديها وأصابعها بالحديد الساخن، أو بوقيد الحطب، إنّما تريد استرجاع القلق بالدرجة الأولى. والزهور ابتسمتْ، قلتُ لنفسي، حالما أطرق مضيفي، كعادته، للتفكير فيما قلتُ، لتُظهر حفاوتها بنا نتيجة الحنان الذي يبعثه القلبُ الناهِض*، عِبرَ مرفقها، إلى دواخلي، لا أقول المنتشية، بل التي تجرب الطيران من جديد، وبأجنحة متينة الخفق، بعد أن اكتشفتْ جزءاً من أعماقها وراحتُ تتدفأ بجماله، فكان المرح، إذا جاز القول، هو الذي أغراني على التحليق. ـ بأية صورة أوحتْ لكَ، أعني أعماقها؟ أفزعني السؤال، لأنه جاء على لسان المضيف، كما لو أنه استعار أصوات ذاتي. ـ منطوية على الكثير من الأحزان. قلتُ، لا أعرف مَن ألقى الردّ، فقد أُخذتُ بغتةً، فتكلمتْ سيدتي الغائبة بلساني، لتجيبْ على سؤال محدّثي، وشعرتُ الخوف يوهن أجنحتي، الآن، كما في اليوم الذي حملتني فيه، حزينةً، لكن بعاطفة نقية، إلى عالمها الغامض. وكانت منحتني مرفقها، بلطف جميل، ما أن عرضتُ ذراعي. ـ لنترك الطيور الصغيرة في مرحِها، ونعود إلى الأرض التي تسقط عليها الأشياء في نهاية كل تحليقّ. قال، ثم رفع يديه الملفوفتين، ليجعلهما أشدّ وضوحاً لعينيّ الممتلئتين نوراً خلّفته أحلام، يجدر القول مستعصيةٌ، بَيدَ أنها تمدّ نحوي مرافقَ سيولها الحنان، ومنابعها الطيْبة. ـ هاتان اليدان أحرقتُهما بالنار، صعقتُهما بقضبان الكهرباء، حتى اخترقت إشارات الوجع جدران قلبي، من دون أن تبلغ روحي، لأن منافذ الأحاسيس، بين العين والقاع، سُدّتْ بأحجار الرتابة ونعاس التكرار. لقد اختبرتُ الفرح من قبل، والحزن والخوف، وكل صاعق، لكنها قوبلت، جميعها بالخرس ذاته، فكيف تطلّ القيعان المحروقة، باستثناء ذاتها، على أسطحٍ أخرى؟ أعطت السماء وجهاً صافياً، خفيف الزرقة، للشراع الطائر، الذي أصبح يرسم دوائره على مسافات أبعد، مرسلاً بهجته إلى محيط أكبر: زرقةً تلعب وتمرح على سطح مرآة شذرية. ـ إذا ربطنا النيران بمهامها القصوى، لن يغدو بالإمكان رؤية الأسرار التي توصل الاشتعال بالرماد، وهذا يسري على كل أنواع الوقود، الحزن والرعب والآلام، كما أنه يسري، ويا للمصادفة، على الحياة أيضاً، لهذا السبب تراني، أنا المتعثرَ، الحائرَ في شأن نداء قلبي،أبحثُ عمّا يكمن وراء القيعان من أسطحٍ دفينة، قد تحمل في جوهرها ألواناً ساحرة، مثلما تخفي المحيطات مرجانها عن الأنظار المسرعة، ثم، وأرجو عفوكَ إذا تطفّلتُ بالسؤال: من يستطيع الجزم بأن الآلام هي الرماد في حالته النهائية، أو أن سكونها يعني موتها الأخير؟. ـ أنت تدعم، بلسان العقل، ما قالته القلوب منذ زمان، وما برحتْ أنظاركَ تتابع الطيور وهي هائمة في الفراغ، لكنكَ تصدّ عنها ما أن تهبط على الشجرة، وبهذا، أو بغيره من شُهبٍ، تطلقها في الأساس تسليات القلب، لن تحظى أحاديث العشاق بجديد. هاكَ واجدةً من يديّ المتفحمتين بالنار، هل يمكنك استخراج عصارة حيّة منها؟، قال في كثير من التحدي، وهو ينقل اللفافة الثقيلة من فخذه ليضعها على طاولة الشاي الصغيرة. افعلْ بها ما تشاء، ثم أخبرني. ماذا أفعل بيدٍ، محروقة، ومنكمشة على عذابها؟. هذا ما أراد أستاذي التلميح إليه، بعد أن أشعرني الجزء الأول من كلامه بالحرج. لكن ألا تستحق هذه اليد المتوجعة، التي أخضعتها إرادة قوية، صارمة، لامتحانٍ قاسٍ، بعضاً من عاطفة، ولو عن بعد، مساساً رقيقاً، همسَ بشرةٍ أخرى في غاية النعومة، تخاطب، ليس القشور التالفة، إنّما العروق الموصلة بالأعماق المتوثبة، الجاهزة، استناداً إلى ذخيرتها من الأحلام، للانطلاق مثل شهقة حياة، تطالب بنصيبها من الفرح؟. كنتُ على الدوام، وما زلتُ، شغوفاً بألعاب أستاذي مع المدافن التي يهيئها الزمن للأحاسيس والمشاعر، اليوم وجدتُ الفرصة متاحةً لاختبار قوة سلاح كلٍ منا في الجدل، ولم أعد مهتمّاً فيما إذا سمع، هذه المرّة أيضاً، حديث دواخلي، أو لم يسمع، لأنني كشفتُ أمام سيفه الباتر (الإرادة) عصاي الهشة (العاطفة)، لبحث دور الوعي في توجيه كلٍ منهما. وكانت الفراخ الصغيرة قد بلغت ارتفاعات شاهقة، غير مكترثة من بعد بأوقات الهبوط، على ذلك قلتُ، ملطّفاً ما قلتُ بالمزاح: ـ إن الأحزان، إذا وجدتْ سَقياً عذباً، يمكن أن تزهر لتثمر لقاحاً خلواً من المرارة، وغالباً ما نطيع، يا أستاذي الكريم، حينما يتعلّق الأمر بالعاطفة، نداءاً لا يخضع للإرادة، إذ يصبح الوعي إزاءه، وفي كل مرّة، أشبه بطير صغير يثب إلى الفضاء، أملاً في سعادة،كفيلةٍ بتعليمه كل فنون الطيران.
| |
|
بنوته جنان مشرف عام
عدد المساهمات : 1664 تاريخ التسجيل : 16/02/2010 العمر : 34 الموقع : بلاد الحب والرومانسية
| موضوع: رد: طيران بأجنحة جديدة السبت فبراير 20, 2010 11:26 am | |
| شكرك على رقي طرحك
مبدع في اختيارك
لا عدمنا طلتك
تقبل مروري المتواضع
مودتي^_^ | |
|
امير الحب عضو جديد
عدد المساهمات : 105 تاريخ التسجيل : 18/02/2010
| موضوع: رد: طيران بأجنحة جديدة الإثنين مارس 22, 2010 3:30 am | |
| | |
|
ابوسعيد القيصر
عدد المساهمات : 1258 تاريخ التسجيل : 14/02/2010 العمر : 50 الموقع : قلب سعيد واسلام
| موضوع: رد: طيران بأجنحة جديدة الإثنين مارس 22, 2010 4:54 am | |
| وزى مالطيور تنتقل مثل جماعات الاولاد فى اللعب
نحن جميعا فى منتدى روحى نتجمع جميعا
ميرسى ياامير كلمات جميله فعلا | |
|