أثر الإيمان في حياة المسلم وسلوكه
لقد سار النبي صلى الله عليه وسلم على المنهج الفرآني في تربية أصحابه على الأخلاق الكريمة،
وكانت هذه الأخلاق تعرض مع العبادة والعقائد في آن واحد.
فالأخلاق ليست شيئا ثانويا في الإسلام،
وليست محصورة في نطاق معين من سلوك المسلم،
إنما هي ركيزة من ركائزه، كما أنها شاملة لسلوكه كله.
فالأخلاق هي الترجمة العملية لاعتقاده وإيمانه الصحيح.
لأن الإيمان ليس مشاعر مكنونة في داخل الضمير فحسب،
إنما هو عمل سلوكي ظاهر كذلك،
بحيث يحق لنا حين لا نرى ذلك السلوك العملي، أو حين نرى عكسه أن نتساءل
:
أين الإيمان إذن؟ وما قيمته إذا لم يتحول إلى سلوك؟
ولذلك نجد الخطاب القرآني يربط الأخلاق بالعقيدة ربطا قويا.
فنجد تلك الآيات المبشرة في سورة المؤمنون:
{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَىأَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) }
فالسورة تبدأ بتقريرالفلاح للمؤمنين بهذا التوكيد:
" قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ "
ثم تصف هؤلاء المؤمنين:
إنهم بادئ ذي بدء خاشعون في صلاتهم،
فذلك أول مظهر للمؤمن الصادق: وهي أن تكون صلاته - وهي اللحظة التي يقف فيها متعبدا لربه، ذاكرا له في قلبه، متصلا به بروحه- صلاة خاشعة بما ينبئ عن صدق الصلة بالله.
ثم تثني السورة بصفة سلوكية ذات دلالة،
هي أنهم عن اللغو معرضون.
فاللغو لا ينبئ عن نفس جادة، والإيمان يورث النفس الجد بما يشعرها من ثقل التكاليف، وجديتها. والجد ليس تقطيبا دائما ولا عبوسا، ولكن اللغو -من جهة
أخرى- لا يستقيم مع جدية الشعور بعظم الأمانة.
ثم أن هؤلاء المؤمنين لابد أن تكون في قلوبهم الحساسية لحق الله في أموالهم، وهو الزكاة.
ولا بد أن يكونوا ملتزمين بخلق العفة في علاقاتهم مع الجنس الآخر،
فلا يتعدوا حدود الله،
وملتزمين بأوامر الله في علاقاتهم الاجتماعية، فيحفظون الأمانة ويرعون العهد
.
لقد رسم القرآن الكريم صورة تفصيلية للشخصية المؤمنة
بدأت بالخشوع في الصلاة وانتهت بالمحافظة عليها،
وتوسطتها تلك الفضائل الخلقية الراقية التي لا تتاتى إلا لمن
كانت عقيدته صحيحة وعبادته حية خاشعة لله.
وهكذا نرى كيف يقوم الإيمان سلوكنا بتوجيهات القرآن الكريم ،
وبهدي حبيبنا محمد الصادق الأمين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.